2011 عــام الهزائـم والخسـارة لأميركـا.
د.نسيب حطيط
بعد عشر سنوات على أحداث 11أيلول 2001،تتعرض أميركا لهزائم عسكرية وسياسية وخسارة ساحات ربحتها بحجة الإنتقام لما أصابها في نيويورك ،وها هي الجيوش الأميركية تنسحب من العراق،وتتأهب للرجوع من أفغانستان معلنة بداية التصحر الأميركي في المنطقة والإنكفاء إلى الداخل المنهمك بالأزمة المالية والإقتصادية.
في العام2011 خسرت أميركا منظومتها الحاكمة في العالم العربي،والتي استخدمتها لإخضاع القوى العربية ومحاصرة قوى المقاومة والممانعة ، ولإنجاز تقسيم السودان وتغطية العدوان الإسرائيلي على لبنان عام2006 وكذلك العدوان على غزة عام2008،وشرعت اغتصاب العراق وصولا للفيدرالية والتقسيم بعد مليون شهيد عراقي بالفتنة المذهبية والطائفية والقومية،وضرب مؤسسات العمل العربي(وإنتفاخ)بعض الإمارات والأمراء إلى مستوى(قوة عظمى) بواسطة الهواء الأميركي والمنفخ الإسرائيلي،فصار مجلس التعاون الخليجي رديفا لمجلس الأمن الدولي..!!وبديلا عن الجامعة العربية.
لكن مع هذا الواقع المأساوي،بقيت شعلة المقاومة والممانعة الوطنية والدينية،تعرقل المشروع الأميركي _الإسرائيلي في مهمة مستحيلة نظريا لعدم توازن القوى والإحباط النفسي والشعور بالهزيمة عند الشعوب ،وتواطؤ وتبعية الانظمة،وبقيت ثلة من المقاومين في لبنان وفلسطين والعراق تدعمهما دولتان مقاومتان إيران وسوريا مع قلة الإمكانيات والحصار والتهديدات والإغتيالات.
واستطاعت قوى المقاومة أن تهزم المشروع الأميركي وتنتصر وبدون مبالغة والنتائج ملموسة وواقعية منذ العام2000.
- العام2000إنسحاب الإحتلال الإسرائيلي من لبنان بفعل المقاومة.
- العام2006هزيمة الإحتلال الإسرائيلي في لبنان.
- العام2008فشل الحرب الإسرائيلية في غزة.
- سقط حسني مبارك وكيل أميركا الأول وحامي المشروع الإسرائيلي ضد حركات المقاومة وإيران وسوريا،والإحتياط الإستراتيجي لدعم ممالك وإمارات الخليج.
- سقط زين العابدين بن علي القائمة الثانية في عرش الإدارة الأميركية بعد23عاما من التغريب والترهيب في تونس.
- سقط معمر القذافي الذي حاولت أميركا إنقاذه حتى اللحظات الأخيرة و قتلته من الناتو بعد إعطاء الأمان له .
- ترنح علي عبد الله صالح في اليمن،ولن يعود اليمن كما كان أيام صالح الذي إنصاع لأميركا والسعودية...،ولا زالتا تحفظانه حتى تأمين البديل المشابه.
- يصارع نظام البحرين من آل خليفة بمواجهة المعارضة السلمية والشعبية وصحيح أن النظام لم يسقط ولكن المعارضة لم تنهزم وستستمر.
- الأردن حليف أميركا يعيش إرهاصات القلق والبلبلة والخوف من السقوط في الداخل مما يسهل عملية ولادة الوطن البديل لفلسطين.
- تقدم جزئي للقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي،وإنتصار ميداني في غزة بعد تبادل الأسرى والإعتراف بالمقاومة في الداخل.
- سقوط حكومة الحريري الموالية لأميركا،مما أفقد المشروع الأميركي حرية الحركة لحصار سوريا وحزب المقاومة عبر المحكمة الدولية.
- الإنسحاب الأميركي من العراق(تاج الهزائم)الأميركية،المعلنة لأفول العصر الأميركي في المنطقة والآحادية العالمية،وسقوط نهج الغزو والإحتلال ،وسقوط نظرية ضعف الشعوب وحتمية الإستسلام .
لقد تعاقب الفيل والحمار الأميركيين على المنطقة ،فالجمهوريون غزوا العراق وأفغانستان والديمقراطيون تابعوا ولم يستطيعوا الإستمرار فآثروا الإنسحاب على ظهور(الحمير)المحليين والأميركيين فاتجهوا نحو إنتقام المهزوم من الذين تصدوا وقاوموا مشروعها لتعويض خسائرهم و سقوط حلفائهم ، وتأمروا ضد سوريا عربا وأوروبيين وأميركيين وسلفيين وتكفيريين لإسقاط قاعدة المقاومة في المنطقة المتمثل بسوريا،ويستعجلون الخطوات في سباق مع الوقت قبل نهاية العام موعد الإنسحاب الأميركي،لأنه إذا بقي نظام الأسد بعد الخروج الأميركي،فلن يستطيع مسلحو(الجامعة العربية)من هزيمته،وسارع الأميركيون للعودة للنغمة القديمة عبر الملف النووي الإيراني لمشاغلة إيران وعزلها عن دعم سوريا والعراق،أو إبتزازها للتفاوض لبقاء الأميركيين في العراق.
لكن الظروف تبدلت،وموازين القوى تغيرت،فالأزمات المالية الغربية وتحرك الدب الروسي والمارد الصيني وصمود محور المقاومة وعودة التوازن الدولي وأخراج مجلس الأمن من السيطرة الأميركية اربك الجميع ،وستشهد الشهور المقبلة احداثا حارة ومقلقة،لأن فيها مخاض ولادة جديدة،فإما ان ينتصر المشروع الأميركي-الإسرائيلي بتقسيم المنطقة إلى دويلات أو تنتصر المقاومة لحماية الأمة.